بيشكيك، 09 أكتوبر 2025 /قابار/
يشهد الناتج المحلي الإجمالي في جمهورية قيرغيزستان نموًا نشطًا بنسبة تزيد على 10% للعام الرابع على التوالي. وقد أسهمت التحسينات في المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، واستقرار القطاع المالي، والسياسات المتزنة في المجال الاجتماعي في خلق أجواء إيجابية للتغيير والتوقعات المستقبلية لدى المجتمع.
وتؤكد بيانات استطلاعات المؤسسات المالية الدولية، بما في ذلك دراسة البنك الدولي، ثقة السكان بالإصلاحات والوضع الاقتصادي، حيث بلغت التقييمات الإيجابية نحو 90%، كما أظهرت زيادة في الاطمئنان المالي للأسر.

ويشير الخبراء إلى أن الثقة في المستقبل تعد عاملًا ذاتيًا لتقييم الواقع، لكنها لا تتشكل بين ليلة وضحاها. إذ يجب أن تستمر التغيرات الإيجابية لعدة سنوات دون أزمات أو صدمات ليكتسب المجتمع شعورًا إيجابيًا. وتتأثر هذه الثقة مباشرة بمؤشرات موضوعية مثل زيادة الدخل، وتوافر الغذاء، واستقرار العملة الوطنية، وغيرها.
ويعكس ارتفاع الثقة بالإصلاحات، الذي تؤكده أيضًا تقارير المؤسسات المالية الدولية والبنوك التنموية، أن المواطنين لا يكتفون بالموافقة على سياسات الحكومة فحسب، بل يشعرون بالفعل بالتغيرات نحو الأفضل.

وأوضح الخبير الاقتصادي سيرغي بونوماريف أن الإصلاحات في المجال الضريبي لعبت دورًا مهمًا في تمهيد الطريق لنمو التجارة، وزيادة الإنتاج الصناعي، وتعزيز الأعمال. وقال: «إدارة الضرائب بطريقة واضحة تبسط العمليات التشغيلية، ما يعزز الثقة لدى رجال الأعمال والمستثمرين المحتملين. كما أن تخفيض مساهمات الضمان الاجتماعي، التي كانت سابقًا 27.25% لصالح صاحب العمل، إلى 15% الآن، ألغى بشكل فعال ممارسة دفع الرواتب نقدًا في الظل».
وأضاف بونوماريف أن الاتجاه الحالي يظهر زيادة في الاشتراكات الاجتماعية. ففي حين كانت الحد الأدنى للتقاعد قبل 2–3 سنوات نحو 2,000 سوم، أصبح الآن 7,100 سوم، وهو فارق ملموس.
وأشار الخبير إلى أن التغيرات في الوضع الجيوسياسي، وتنشيط التجارة والتعاون الإقليمي بين الجيران التاريخيين والقريبين، أسهمت أيضًا في تحسين مؤشرات الناتج المحلي الإجمالي والإيرادات الحكومية، ما يلعب دورًا إيجابيًا.

من جهته، أكد الدكتور في العلوم الاقتصادية تولونبيك عبديروف أن السلطات القيرغيزية انتقلت من الكلام إلى التنفيذ، ما أظهر نتائج ملموسة. فقد تم تطوير التجمعات الصناعية والزراعية، وأُطلقت المشاريع الإنتاجية دون تأخيرات طويلة، فيما ساعدت الرقمنة على إزالة البيروقراطية المعيقة للتنمية. كما خلق تبسيط الإجراءات الضريبية بيئة شفافة ومريحة لممارسة الأعمال.
وأضاف عبديروف: «مع هذه التحولات الإيجابية، بدأ المستثمرون يتوجهون إلينا، خصوصًا من الدول المجاورة والصين، بفضل تبسيط إجراءات الضرائب والتسجيل، وتشغيل "النافذة الواحدة" للمشاريع الاستثمارية، وزيادة شفافية المشتريات الحكومية، وضمان حماية الملكية الخاصة، ومكافحة الجريمة والفساد، ما يوفر استقرارًا وبيئة آمنة للأعمال».
وأشار إلى أن الإصلاح الزراعي كان أحد العناصر الرئيسة، حيث حصل المزارعون على قروض ميسرة ودعم حكومي في التصدير، مع زيادة حجم الصادرات من الفواكه، والخضروات، والعسل، والمكسرات. وأصبح المزارعون يدركون جدوى بيع المنتجات الجاهزة بدلًا من المواد الخام، ما أحيى قطاع التصنيع الزراعي. كما بدأ إنتاج النسيج، الذي تراجع خلال جائحة كورونا، بالنمو مجددًا.
ويشير الخبراء إلى أن للحفاظ على الأجواء الإيجابية للتوقعات والتغيرات، يجب على الحكومة والوزارات المختصة التركيز على خفض التضخم، خاصة عندما يكون ناجمًا عن رفع غير مبرر لأسعار الغذاء والسلع الأساسية. ويعتبر الطلب الاستهلاكي المرتفع في البلاد نتيجة لزيادة دخل السكان أمرًا طبيعيًا، لكن لا ينبغي استخدامه للممارسات التجارية غير العادلة، والتي يمكن لهيئة مكافحة الاحتكار معالجتها بحزم ووضوح.